هل نعيش في فقاعة رقمية؟ كيف تتحكم الخوارزميات في قراراتنا بدون وعي؟

هل أصبحنا نعيش في فقاعة رقمية؟ كيف تُشكّلنا الخوارزميات دون أن ندري، فالواقع الرقمي اليوم يبدو مقسمًا إلى عدة عوالم خاصة بكل مستخدم، حيث تُنتج الخوارزميات محتوى مخصصًا يعكس ما نحب ونشارك ونبدي اهتمامًا به، ليُحيط بنا عالم رقمي شخصي يخلو من التنوع الحقيقي ويُبعدنا عن رؤية وجهات نظر مختلفة أو حقيقة المجتمع.

الفقاعة الرقمية وكيف تُشكّلها الخوارزميات بخفاء

الخوارزميات التي تحكم منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الفيديو لا تهتم بقيمة المحتوى أو تنوعه بقدر حرصها على زيادة الوقت الذي يمضيه المستخدم أمام الشاشة، فتراقب بدقة سلوكنا الرقمي: ما نتابع، ما نُعجب به، وما نعلق عليه أو نشاركه، ثم تُخصّص لنا تغذية مستمرة من المحتوى الذي يتوافق مع ميولنا واهتماماتنا، مع إبعاد المحتوى المعارض أو المختلف. بهذه الطريقة، ينغمس الإنسان في فقاعة رقمية شخصية حصرية، يرصد فيها فقط الدعم والتأييد لأفكاره، مما يجعله يظن أن وجهة نظره هي السائدة عالميًا، أو يكوّن صورة مشوهة عن “الآخر” ووجهات نظره باستقطاب مبالغ فيه.

هل أصبحنا نعيش في فقاعة رقمية؟ أمثلة ودراسات تكشف الواقع

تُظهر الدراسات شيوع هذه الظاهرة وتأثير الخوارزميات عميقًا في تشكيل إدراكنا للمجتمع والأحداث. في دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2024، اعتبر 64% من المستخدمين في الولايات المتحدة أن المحتوى المعروض على شبكات التواصل يعكس غالبية المجتمع، رغم أن هذا المحتوى لا يمثل إلا شريحة ضيقة جدًا منه. كما أشارت مؤسسة إيدلمان إلى توسع الهوة المعرفية بين الجمهور مع اعتمادهم المتزايد على المحتوى المخصص وفقًا للخوارزميات الرقمية. حتى محركات البحث لا توفر نتائج موحدة، حيث تختلف النتائج لنفس الكلمات المفتاحية باختلاف سجل التصفح والاهتمامات، مما يعزز تداخلنا داخل فقاعات معرفية خاصة.

الدراسة النتيجة الأساسية
جامعة ستانفورد 2024 64% يعتقدون أن المحتوى الرقمي يمثل غالبية المجتمع
تقرير مؤسسة إيدلمان توسع الفجوة المعرفية بسبب المحتوى المخصص
تحليل محركات البحث اختلاف كبير في النتائج بحسب سجل المستخدم

هل أصبحنا نعيش في فقاعة رقمية؟ مخاطر وتأثيرات لا تقتصر على اختلاف الآراء فقط

الفقاعة الرقمية تؤدي إلى انعزال فكر المستخدم، حيث يتعذر ظهور آراء مخالفة أو حوارات حقيقية موسعة، فلا يُسمع سوى صدى صوته أو أفكاره، مما يصعب التفاهم وتبادل وجهات النظر. كذلك، تساهم هذه البيئة في تعزيز ومضاعفة الأفكار المتطرفة، حيث تصبح جزءًا من “المعتاد” بسبب تكرارها، وينتج عنها تأثير سياسي ملموس عبر حملات انتخابية تستهدف كل فئة بمعلومات مخصصة تزيد من الانقسام. إلى جانب ذلك، يُعرض المستخدم لتزييف الواقع؛ فلا يصبح قادرًا على رؤية الصورة الكاملة للعالم، بل منظوره يظل محدودًا ومشوهًا داخل الفقاعة الرقمية.

هل يمكن كسر الفقاعة الرقمية؟ خطوات عملية تُعيد التوازن

رغم صعوبة الهروب الكامل من التأثير الخوارزمي، يمكن للمستخدمين اتخاذ خطوات بسيطة وفعالة لتوسيع مداركهم والحد من تأثير الفقاعة الرقمية التي يعيشون فيها:

  • الاهتمام بمتابعة صفحات إعلامية ووسائل من توجهات فكرية مختلفة ومتناقضة
  • البحث يدويًا عن المواضيع التي لا تندرج ضمن اهتماماتهم الاعتيادية لتوسيع دائرة المعرفة
  • إيقاف التشغيل التلقائي للفيديوهات في منصات مثل يوتيوب وتيك توك للحد من استهلاك محتوى غير مقصود
  • قراءة كتب ومقالات طويلة تتناول موضوعات خارج نطاق الاهتمامات اليومية
  • التساؤل المستمر: «من المستفيد من أن أُعرض لهذا المحتوى فقط دون غيره؟»

يُساعد اتباع هذه الخطوات على كسر حاجز الفقاعة الرقمية جزئيًا، ويعيد المستخدم إلى واقع أكثر تنوعًا وتمثيلاً للأفكار والمعلومات.

يُشار إلى أن التداخل في العوالم الرقمية بفضل تأثير الخوارزميات يشكل تحديًا مستمرًا لمجتمع اليوم، حيث يصبح تقدير وحسن فهم الآراء المختلفة درجه مهمة حيوية للحفاظ على تقبل الآخر وفتح أبواب التواصل والتسامح، بعيدًا عن الوقوع في فخ الانعزال الفكري وفقدان القدرة على التمييز بين الحقيقة والتمثيلات المنقوصة التي تقرّبنا إلى فقاعة رقمية تحاصِر نظرتنا إلى العالم.