34 عامًا على «الكيت كات».. سبب بكاء محمود عبد العزيز في يوم عرضه الأول يكشف لأول مرة

مرّ 34 عامًا على عرض فيلم الكيت كات الذي شهد ولادة واحدة من أشهر وأعمق الشخصيات السينمائية في مصر، شخصية الشيخ حسني التي جسّدها الراحل محمود عبد العزيز بإبداع فاق التوقعات. الفيلم الذي عرض لأول مرة في 9 سبتمبر 1991، لا يزال حتى اليوم علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية، تجسد فيه أداء محمود عبد العزيز موهبته الفريدة في التعبير عن تفاصيل الشخصية.

لماذا تظل شخصية الشيخ حسني في فيلم الكيت كات علامة مميزة في السينما المصرية

تأتي أهمية شخصية الشيخ حسني في فيلم الكيت كات من تعدد أبعادها الإنسانية؛ رجل أعمى فقد بصره وعمله وزوجته لكنه لم يستسلم لواقعه الصعب بل حافظ على أمله وروحه القتالية. يعيش الشيخ حسني مع والدته وابنه يوسف في حواري الكيت كات، حيث استغل دار الأسرة ليصبح مكانًا لتدخين الحشيش والغناء على العود برغم فشله في تحقيق أحلامه بأن يصبح منشدًا. يرتبط الشيخ حسني أيضًا بعلاقة مع جارته الشابة فاطمة التي تعاني من كبوتها الجنسي، وتتداخل قصة حياته مع صراعات المجتمع المحيط به، مما جعل الشخصية تتحدث بصوت قوي عن معاناة الطبقة الشعبية في مصر. كان تأليف وإخراج داوود عبد السيد وراء هذه الرؤية الفنية الرائعة التي أسهمت في جعل الشيخ حسني شخصية لا تُنسى.

كيف دفع فيلم الكيت كات محمود عبد العزيز إلى مشاعر عميقة في يوم عرضه الأول

خلال جلسات التصوير، كان المخرج داوود عبد السيد يصر على أن ضحكة محمود عبد العزيز لابد أن تعكس حقيقة الشيخ حسني، فرفض الضحكة المعتادة التي كانت تبدو خفيفة وبعيدة عن تجسيد الحالة النفسية الدقيقة للشخصية، وهذا غيّر كثيرًا في أداء محمود عبد العزيز. وعندما وصل يوم عرض فيلم الكيت كات للمرة الأولى، شعر الممثل الكبير بمزيج من الفرح والخشية؛ فقد بكى بعد المشاهدة، معبرًا عن تقديره للجهد الكبير الذي بذله المخرج والممثلين. وأكد محمود عبد العزيز أنه شعر أن الفيلم لم يعرض سوى أربعة أيام فقط، غير أن نجاحه دفع به إلى مكانة فنية جديدة وتلقى استحسان النقاد والجمهور، ما جعله من أهم أفلام مشواره السينمائي.

دور الموسيقى وتأثيرها في تعزيز رسالة فيلم الكيت كات

الموسيقى في فيلم الكيت كات لعبت دورًا محوريًا في إيصال حالة التحدي والضعف التي يعيشها أبطال الفيلم، حسب ما روى المؤلف الموسيقي راجح داوود. استُخدم الأرغن الموسيقى العميقة القوية مع آلة العود الحنينة التي تنتمي لحضارات مختلفة، لتغني المشهد المعبر عن صراع الشخصيات مع العجز والتحدي في الوقت نفسه. جاء هذا التوليف الموسيقي ليُعبّر عن التناقضات الداخلية التي تظهر في الشخصية المركزية وفي المجتمع الطبقي الذي تحتضنه حواري الكيت كات، ما أسهم في إعطاء الفيلم بُعدًا إنسانيًا وشعريًا على حد سواء.

يُعتبر فيلم الكيت كات تجسيدًا بارعًا لحياة الحواري الشعبية وما تحمل من معاناة، حيث يعكس الفيلم قصة رجل يحاول مقاومة استسلامه لواقعه بكل ما فيه من تحديات؛ صراعه مع العجز وفقدان الأحبة، ومحاولات ابنه للبحث عن فرصة استقرار وتحقيق ذاته بعيدًا عن بيئته الصعبة، كما تتشابك حياة الشيخ حسني مع حياة الجاراة وكل من يعيش أزمات اجتماعية مكبوتة أو مهددة. حضور هذه القصص الحية جعل الفيلم يتميز بقربه الكبير من الواقع، وعزز مكانة محمود عبد العزيز كأحد عمالقة التمثيل في السينما العربية، محققًا بذلك مكانة لا تُنسى لفيلم الكيت كات كشاهد على التغيرات الاجتماعية في مصر بدءًا من التسعينات وحتى الآن.