
شهدت مصر في السنوات الأخيرة تحولات استراتيجية لدعم الاقتصاد وتعزيز قدرته على الصمود أمام التحديات العالمية، حيث تسعى الحكومة المصرية من خلال خطط متكاملة إلى تحقيق تنمية مستدامة تواكب التحولات السياسية والاقتصادية الدولية، وتسهم بشكل فعّال في تحسين الأداء الاقتصادي العام للدولة، مع التركيز على جذب الاستثمارات وتعزيز النمو في مختلف القطاعات الإنتاجية.
حزمة الإصلاحات الاقتصادية تدعم الاقتصاد المصري
عملت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي أسهمت في تحسين مؤشرات الأداء المالي والاقتصادي، وتشمل هذه الحزمة إعادة هيكلة منظومة الدعم الحكومي لتعزيز كفاءتها، وتطبيق سياسة مالية منضبطة، والاستثمار المكثف في مجالات الطاقة المتجددة والبنية التحتية المستدامة، كما وُضعت خطط لتعزيز القطاعات الإنتاجية، مما يظهر التحسن الملحوظ في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.3% خلال الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، مع زيادة ملحوظة في أداء قطاعات مثل النقل، وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة.
التوسع في البرامج الإصلاحية لا يقتصر فقط على الاقتصاد الداخلي، بل يمتد ليشمل الانخراط في مبادرات إقليمية ودولية تسهم في تكثيف التعاون مع الشركاء الاستراتيجيين على المستوى الدولي، مما يعزز من مكانة مصر كمحور اقتصادي بين القارات.
مصر والمسار الإقليمي والدولي لتحقيق التنمية المستدامة
تنطلق مصر في استراتيجيتها التنموية من رؤية شاملة تسعى لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، حيث انضمت إلى تجمع “بريكس”، ما يمثل تحولًا هامًا في السياسات الاقتصادية للبلاد، وتتيح هذه العضوية فرصًا اقتصادية واستثمارية متكاملة من خلال التحالف مع الدول الأعضاء والاستفادة من بنك التنمية الجديد (NDB)، إلى جانب إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتمويل المتكامل، التي ساهمت في تعبئة تمويلات تنموية بأكثر من 12 مليار دولار لدعم التحول الرقمي والنمو الأخضر.
هذه الجهود لا تقتصر على تحقيق الاستقرار المالي فقط، بل تهدف إلى وضع أسس قوية لتنفيذ مشروعات مستدامة في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، وتحفيز القطاع الخاص على المشاركة في خطط التنمية، بما يسهم في تحقيق نمو شامل.
الشراكات الدولية تدعم التنمية الاقتصادية
من أبرز أولويات الدولة المصرية تعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية، فقد أبرمت الحكومة اتفاقًا مع صندوق النقد الدولي يهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتوفير الدعم المالي اللازم بقيمة 8 مليارات دولار، إضافة إلى ذلك، أعلنت وزارة التخطيط عن منصة “نُوفّي”، التي تعد جزءًا من المشروعات الخضراء الوطنية، وتساعد في تعزيز قدرة الاقتصاد على التحول نحو نموذج مستدام يربط بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.
على الرغم من التحديات المتعددة التي يواجهها الاقتصاد العالمي، تظهر السياسات المصرية مرونة في مواجهة تلك الأزمات، فقد تبنت مبادرات تهدف إلى خلق فرص استثمارية جديدة، وتنفيذ إصلاحات هيكلية تبني قاعدة اقتصادية صلبة تدير المخاطر وتوفر البيئة المناسبة للنمو، كما تستهدف الدولة زيادة مساهمة القطاع الخاص إلى 65% من إجمالي الاستثمارات بحلول عام 2025، مما يسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي ومواكبة التحولات العالمية.