ترامب يكظّم غضبه ويتراجع عن إقالة باول.. فما السبب وراء بقاء الأخير في منصبه؟

تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إقالة جيروم باول من رئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي يعكس توازناً دقيقاً في إدارة السياسة النقدية في ظل الأوضاع الاقتصادية المتقلبة، حيث تواصل العلاقة المتوترة بين الطرفين رغم الانتقادات العلنية التي وجهها ترامب لمواقف باول، وخصوصًا فيما يتعلق بأسعار الفائدة وتكاليف مشاريع البنك المركزي.

سر تراجع ترامب عن إقالة جيروم باول ودوره في الاستقرار الاقتصادي

تراجع ترامب عن قرار إقالة جيروم باول كشفت عنه زيارته النادرة للبنك المركزي، مؤكدًا أنه لا ينوي تغيير رئيس الاحتياطي الفيدرالي رغم التصريحات المتكررة سابقًا التي ألمح فيها إلى العكس، وانتقد في الوقت نفسه الإنفاق الكبير على تجديد مبنيين تاريخيين بالمقر الرئيسي للفيدرالي؛ حيث تجاوزت تكلفة المشروع 2.5 مليار دولار.
ويرى خبير أسواق المال أحمد معطي أن قرار ترامب عدم إقالة باول يعكس فهمًا عميقًا لحساسية المرحلة الحالية، وأهمية الحفاظ على استقرار المنظومة النقدية الأمريكية خاصة مع تنامي التوترات الاقتصادية الناتجة عن الرسوم الجمركية. ويضيف أن إقالة باول في هذا التوقيت كان من الممكن أن تثير مخاوف واسعة في الأسواق العالمية وتزعزع ثقة المستثمرين باستقلالية الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار الدولار، وبيئات الأسهم والسندات.

تكاليف مشروع تجديد مقر البنك المركزي والتوتر بين ترامب وجيروم باول

صعد ترامب من انتقاداته العلنية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، مركزًا على حجم الإنفاق في مشروع تجديد مقر البنك المركزي، الذي فاق 2.5 مليار دولار، ملمحًا إلى أن الإدارة يجب أن تكون أكثر حرصًا على النفقة بالرغم من قوة الاقتصاد الأمريكي في الوقت الحالي.
وبدا التوتر جليًا بين ترامب وباول في الفترة التي سبقت اجتماع لجنة السياسة النقدية المقرر في 30 يوليو 2025، حيث يتوقع الحفاظ على أسعار الفائدة ضمن النطاق بين 4.25% و4.50%.
هذا التوتر دفع الأسواق إلى التكهنات حول مستقبل قيادة الفيدرالي، وتأثير ذلك على سعر الدولار وأسواق المعادن النفيسة مثل الذهب، الذي شهد تراجعًا نتيجة انخفاض احتمالية إقالة باول في القريب العاجل.

الإطار القانوني لإقالة جيروم باول وأبعاد دستورية معقدة

يبقى السؤال القانوني مطروحًا حول مدى حق الرئيس الأمريكي في إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إذ لا يوجد نص قانوني واضح يمنح ترامب هذه السلطة أو يحظرها.
تتفاوت الآراء بين الخبراء القانونيين، فحسب أستاذ القانون بجامعة بوسطن جيد شوجيرمان، فإن المحاكم تميل إلى تجنب التدخل في نزاعات من هذا النوع، ما يمنح ترامب قدرة تنفيذ القرار عمليًا دون معوقات قضائية مباشرة، وفق ما نقلته وكالة “بلومبرج”.
من جهة أخرى، أوضح الخبير الدستوري جوناثان شوب من جامعة كنتاكي، أن حتى لو أصدرت المحاكم حكمًا بعدم قانونية الإقالة، فإن عودة باول إلى منصبه ليست مضمونة، لا سيما في ظل قرار المحكمة العليا الصادر في 27 يونيو، والذي قلص صلاحيات القضاء في إعادة المسؤولين المعزولين لمناصبهم.

التاريخ الحدث
27 يونيو 2025 قرار المحكمة العليا حول صلاحيات القضاء في إعادة المسؤولين المعزولين
30 يوليو 2025 اجتماع لجنة السياسة النقدية وتوقعات تثبيت أسعار الفائدة
  • تراجع ترامب عن إقالة باول نابع من رغبة في استقرار الأسواق المالية
  • الانتقادات تراوحت بين السياسات النقدية وتكاليف مشاريع البنك المركزي
  • الإطار القانوني لإقالة رئيس الفيدرالي رفض أو منح هذا الحق يظل محل جدل

تعكس هذه التطورات مرحلة حساسة في العلاقة بين البيت الأبيض ومجلس الاحتياطي الفيدرالي، إذ يسعى ترامب للاحتفاظ بنفوذ غير مباشر على السياسة النقدية، مفضلًا عدم الدخول في مواجهة مباشرة قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد في ظل أهداف ضبط التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة التي تسبق التخفيض المحتمل لأسعار الفائدة في أكتوبر القادم، حيث تترقب الأسواق والمؤسسات المالية بإهتمام بالغ ثبات الإدارة الاقتصادية وثقة المستثمرين في قرارات الاحتياطي الفيدرالي خلال فترة ولاية ترامب الثانية.