المثلية الجنسية.. ما الأسباب العلمية وراءها؟ تعرف على الحقيقة الآن

المثلية الجنسية هل هناك سبب علمي لها؟ اكتشف الباحثون عبر العقدين الماضيين أدلة مهمة تدعم أن التوجه الجنسي حالة بيولوجية معقدة تتداخل فيها عوامل الوراثة وعلم التخلّق، رغم أن جينات المثلية الجنسية تبقى موضوعًا محوريًا يحمل الكثير من الغموض والتحديات البحثية.

تطور البحث العلمي حول المثلية الجنسية هل هناك سبب علمي لها؟

إن البحث عن سبب علمي للمثلية الجنسية بدأ منذ أوائل التسعينات، حين أعلن الباحث دين هامر عن اكتشاف جين محتمل على الكروموسوم X (Xq28) قد يفسر التوجه الجنسي، مما أثار ضجة علمية وإعلامية كبيرة آنذاك. لكن محاولات تكرار هذه النتائج باءت بالفشل رغم توسعة العينات في الدراسات اللاحقة إلى آلاف المشاركين، ما أضعف من مصداقية الفرضية. كما أظهرت دراسات التوائم أن تأثير الجينات على التوجه الجنسي محدود، إذ لا تتجاوز نسبة التطابق 50% حتى بين التوائم المتطابقة وراثيًا. هذا الأمر يوضح أن المثلية الجنسية لا يمكن تفسيرها بجين واحد فقط، وإن كان للوراثة دور نسبي فيها، فتداخل العوامل البيئية والبيولوجية معقد أكثر.

دور علم التخلّق في تفسير المثلية الجنسية هل هناك سبب علمي لها؟

توسعت دراسات المثلية الجنسية لتشمل “علم التخلّق” أو “Epigenetics”، وهو المجال الذي يدرس كيف تؤدي التغيرات الكيميائية في الحمض النووي دون تعديل تسلسله إلى تأثير في تعبير الجينات. أبرز هذه التغيرات هي مجموعات الميثيل التي تتحكم في تشغيل أو إيقاف الجينات بتحكم بيئي، وقد تبقى مع الفرد مدى حياته. في تجربة قدمت ضمن فعاليات الجمعية الأمريكية لعلم الوراثة البشرية (ASHG)، فحص الباحث تاك نجون أنماط الميثلة لدى 47 زوجًا من التوائم الذكور المتطابقين، حيث كان أحدهما مثليًا والآخر مغايرًا. بالاعتماد على خوارزميات حاسوبية، رصد الفريق خمسة مواقع جينية تظهر اختلافات في العلامات التخلقية مرتبطة بالتوجه الجنسي بدقة تصل إلى 70% عند اختبارها على مجموعة مستقلة. رغم ذلك، يشير الباحثون إلى أن النتائج تخص العينة المدروسة فقط ولا يمكن تعميمها على الكل.

العوامل الوراثية والبيئية وتأثير الهرمونات هل هناك سبب علمي لها؟

اقترح ويليام رايس فرضية “التوريث التخلّقي” التي تنص على إمكانية انتقال علامات تخلقية من الأم إلى الابن أو من الأب إلى الابنة، تؤثر في حساسية دماغ الجنين لهرمون التستوستيرون أثناء الحمل. هذه التغيرات قد تذكّر أو تؤنث بنية الدماغ، مما يحدد التوجه الجنسي للجنين. ويعتقد أن بيئة الرحم وحجم الدم المتدفق للجنين تؤثر على هذه العلامات، وهذا يفسر الاختلافات بين التوائم المتطابقة التي تغفل الجينات وحدها تفسيرها. الدراسات تشير إلى أن الجينات تسهم بنسب متوسطة في التوجه الجنسي، ويترافق ذلك مع مزايا تكاثرية لأقارب المثليين من الجنس الآخر، كما بينت إحدى الدراسات عام 2009 التي أظهرت أن النساء ذوات أقارب مثليين من جهة الأم كن أكثر خصوبة. كما تؤكد الدراسات على الحيوانات أن السلوك المثلي لا يضعف معدلات النجاح التناسلي، بل قد يكون تكيفًا بيئيًا وفسيولوجيًا. والتأثيرات الهرمونية داخل الرحم، خصوصًا مستويات هرمون التستوستيرون، تُعدّ محورية في “برمجة” الهوية الجنسية والتوجه من مراحل التطور الدماغي الأولى.

• دقة 70% في التنبؤ بالتوجه الجنسي بناءً على العلامات التخلقية.
• 50% فقط نسبة تطابق التوجه الجنسي بين التوائم المتطابقة.
• دراسة تظهر مزايا تكاثرية لأقارب المثليين من الجنس الآخر.

تظهر الدراسات أيضًا اختلافات جسدية في بنية الدماغ لدى المثليين، مثل وجود عظام أطراف أقصر، وربما تعكس هذه السمات تعرضهم لتأثيرات هرمونية مختلفة أثناء حياة الجنين. لكن يبقى السؤال مفتوحًا: هل هذه الاختلافات سبب في التوجه الجنسي، أم نتيجة له؟ وحتى الآن، لا يمكن الجزم بجواب حاسم. مع أهمية هذه الأبحاث، يحذر العلماء من استغلال هذه النتائج لإجراء اختبارات قبل الولادة أو محاولة تغيير التوجه الجنسي، معتبرين أن تدخلات بيولوجية لتغيير الهوية الجنسية لا تزال خارج حدود الإمكانيات العلمية الحالية وربما لسنوات عديدة قادمة.