غداً الجمعة.. الأوقاف تبرز أهمية المياه كأساس لا غنى عنه لاستمرار الحياة

المياه نعمة لا تقدّر بثمن، فهي المقوم الأساسي للحياة التي لا تستقيم بدونها، ولهذا حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة بعنوان «نعمة المياه مقوم أساس للحياة»؛ بهدف توعية الجميع بقيمة هذه النعمة الكبيرة، والتأكيد على مسؤولية الحفاظ عليها وعدم تضييعها مهما كانت الأسباب.

أهمية نعمة المياه كمقوم أساسي للحياة

تعتبر نعمة المياه من أكبر النعم التي لا تُحصى، فهي سرّ وجود الإنسان والحيوان والنبات، وبدونها تتوقف الحياة على الأرض، فالأرض الميتة القاحلة لا تحيا إلا بقطرة ماء واحدة تُحييها وتجعلها تنمو وتتفتح بالنباتات الخضراء، وهذا دليل واضح على أن المياه ليست مجرد مورد عادي، بل هي الأساس الذي يقوم عليه الكون كله؛ فهي الأرخص عندما تتوفر، ولكنها الأغلى والأعظم خسارة حين تنعدم أو تُهدر، ولهذا فإن المحافظة على كل قطرة ماء واجب شرعي وإنساني يجب أن يتحلى به كل إنسان.

تُذكّرنا الآيات الكريمة بعظمة هذه النعمة، إذ قال الله تعالى: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}، وهذا يشير إلى عظمة عددها وصعوبة جردها كاملةً، وأيضًا تعطي صورة عن فضل الله تعالى في إحياء الأرض بالماء وإخراج النبات الذي يُظهر حسناته، حيث قال سبحانه: {فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}.

إن تجاهل أهمية الماء واستهلاكه بازدراء أو ترف يُعد من مظاهر الجهل بحقيقة نعمة الله، كما جاء في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ}، وهذه الآيات تذكّر الناس بأنهم ليسوا مصدر هذه النعمة، فلا يجوز الإسراف أو الإهدار أبدًا.

كيفية الحفاظ على نعمة المياه وترشيد استخدامها

حماية نعمة المياه تعد مسؤولية الجميع، ويتطلب ذلك الوعي التام بأهمية كل قطرة ماء واستخدامها بما يعود بالنفع ولا يؤدي إلى هدرها، وهذا يشمل عدة أفعال يومية يمكن لكل فرد اتباعها لتوفير المياه والاقتصاد فيها، ومنها:

  • إغلاق الصنابير بإحكام وعدم تركها تسيل بلا ضرورة.
  • استخدام المياه في الوضوء بقدر الحاجة فقط، دون مبالغة أو ترف.
  • تجنب غسل السيارات والخدمات الأخرى بالماء بغير حكمة أو ترك الخراطيم تعمل بدون رقابة.
  • ري الحدائق بالكميات المطلوبة فقط، وعدم الإفراط في ري الأراضي أو المزروعات.
  • التوعية الدائمة بأهمية المياه وأثرها على الحياة في المجتمعات المختلفة.

وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على ترشيد المياه في الوضوء، فقد مرّ بسعد صلى الله عليه وسلم عندما كان يتوضأ وقال له: «ما هذا السرف يا سعد؟» فأجابه سعد عن الوضوء، فقال: «نعم وإن كنت على نهر جاري»، وهذا يبين قيمة الاقتصاد والحرص على المياه حتى في حالة توافرها.

كما أن فضل الاهتمام بالماء ورده لله والناس قد ورد في عدة أحاديث نبوية تدعو للمحافظة عليها، وأشارت إلى أن أول ما يُسأل عنه الإنسان يوم القيامة هو الماء وكيف استُهلك وأُحسن التصرف فيه، مما يبرز مسؤولية كل مسلم تجاه هذه النعمة.

التكاتف والتعاون في الحفاظ على نعمة المياه في المجتمع

لا يقتصر الحفاظ على المياه فقط على الجهد الفردي، بل يلعب التكاتف والتعاون دورًا محوريًا في حماية هذه النعمة من الضياع، إذ إن الوحدة الاجتماعية والتلاحم بين أفراد الأمة يمثلان الضامن الأقوى لاستمرار الحياة وسلامتها، خاصة في أوقات الأزمات التي تواجه المجتمعات.

قال الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، وبيّن أهمية التعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان، وهذا يشمل العمل الجماعي للحفاظ على الموارد، وخصوصًا المياه التي تُشكل اللبنة الأولى لحياة الناس والحيوانات والنباتات.

وفي هذا السياق، ينبغي أن يحرص الجميع على توحيد الجهود، والالتزام بأساليب الاستخدام الصحيح للمياه في المنازل والمؤسسات والمزارع، مما ينعكس إيجابًا على استدامة الموارد وعدم تعريضها للنفاد أو التلوث.

ذلك من شأنه أن يجعل من مصر وغيرها من البلدان نماذج يُحتذى بها في إدارة الموارد وتحقيق الأمن المائي، مما يضمن استمرار الحياة الكريمة للشعوب ويساهم في زراعة مفاهيم الوعي والمسؤولية بين الأجيال القادمة.

الدعاء التوجيه القرآني
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتكم لأزيدنكم}
أدم علينا نعمك وارزقنا شكرها {وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}
تعاونوا على البر والتقوى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}