«مقترح جديد» لتنظيم العلاقة بين الحكومة ومستشفى المؤسس قيد النقاش الرسمي

تتسم العلاقة بين المستشفيات الجامعية ووزارة الصحة بالتعقيد في أغلب الأحيان، حيث تتداخل المسؤوليات والصلاحيات بشكل يؤدي إلى تحديات كبيرة في الإدارة والتنظيم. مستشفى الملك المؤسس يقدم نموذجًا واضحًا لهذا التشابك، فهو يعمل كمؤسسة مستقلة ولكنه يرتبط باتفاقيات مع جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، مما يبرز الفجوة الإدارية التي تعوق تحقيق الاستدامة المالية وضمان جودة الخدمات الطبية المتقدمة.

مستشفى الملك المؤسس والأزمة المالية وتأثيرها على الكوادر الطبية

يعاني مستشفى الملك المؤسس من أزمة مالية خانقة أصبحت تشكل خطرًا على استقراره واستمراريته في تقديم الخدمات الصحية، حيث ساهمت الظروف الإقليمية والاقتصادية في تراجع الإيرادات وجعلت الشركات تتردد في التوريد خاصة للمستلزمات الطبية الحيوية. في ظل هذه الأزمة، لم يتمكن المستشفى من تحقيق خطط التطوير والتحديث اللازمة للنهوض بمستوى الخدمات التي يقدمها، على الرغم من وجود تدخل حكومي محدود يهدف لضمان صرف رواتب العاملين وخاصة أصحاب الدخول المنخفضة. كل هذه التحديات تلقي بظلالها على قدرة المستشفى على ضمان تقديم خدماته العلاجية التي تغطي أربع محافظات شمالية وتعتمد عليها شريحة واسعة من المرضى في الأردن.

الاستحواذ الحكومي على مستشفى الملك المؤسس: فرصة استراتيجية للإصلاح

في ظل التحديات المتزايدة، تطرح فكرة استحواذ وزارة الصحة على مستشفى الملك المؤسس كحل جذري يمكن أن يحقق نقلة نوعية في معالجة المشكلات المالية والتنظيمية التي يعاني منها المستشفى. تحويل المستشفى إلى مؤسسة حكومية بالكامل يعني إمكانية إعادة هيكلة سياسات الإنفاق وتسوية الديون المتراكمة سواء تلك المستحقة على المستشفى أو لصالح الحكومة، مع الإبقاء على الشراكة الأكاديمية وتوفير بيئة داعمة للتدريب الطبي والبحث العلمي. هذا الاقتراح يعمل أيضًا على تقليل الحاجة إلى تأسيس مستشفيات جديدة ويضمن استمرارية توفير الخدمات اللازمة للمناطق الشمالية، مما يعود بالنفع على الأمان الصحي في الأردن ويقلل من الضغط الذي تواجهه المنظومة الصحية الوطنية.

تعزيز الأمن الصحي الوطني من خلال استراتيجيات الاستحواذ

فكرة الاستحواذ الحكومي لا تهدف فقط لحل أزمة مستشفى الملك المؤسس ولكنها تقدم رؤية متكاملة لتعزيز الأمن الصحي الوطني. من خلال دمج كوادره الحالية ضمن منظومة وزارة الصحة يمكن تحقيق توفير كبير في الموارد البشرية وإعادة توزيعها لتعزيز استمرارية الخدمات الصحية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعاون مع جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية على أساس اتفاقيات مستدامة سيتيح توفير كفاءات طبية عالية المستوى دون الحاجة إلى الإنفاق الزائد أو تعيينات إضافية، ما يؤدي إلى تحسين كفاءة الرعاية الصحية وتقوية البنية الطبية في المناطق الشمالية. مثل هذه الخطوات تتطلب سياسات مرنة ونهجًا استراتيجيًا يركز على تحقيق التوازن بين الجانب الأكاديمي والخدمات العلاجية المتكاملة بما يضمن الارتقاء بنظام الرعاية الصحية الوطني ككل.