حنان آيت الحاج يحقق قفزة تاريخية من شوارع المغرب إلى ملاعب الدوري الإسباني – كيف وصلت؟

كانت كرة القدم النسائية في المغرب بمثابة تحدي جديد في عالم الرياضة النسائية العربية، وبرزت حنان آيت الحاج كلاعبة قد كسرت الحواجز بتفوقها وإصرارها على النجاح رغم الصعوبات التي واجهتها في مجتمع تحكمه معتقدات تقليدية صعبة. حنان التي بدأت مسيرتها في أحد أحياء المغرب وتجاوزت الحواجز التقليدية، أصبحت مثالًا يحتذى به في الكرة النسائية العربية.

بداية مسيرة حنان آيت الحاج في كرة القدم النسائية المغربية

انطلقت حنان آيت الحاج في عالم كرة القدم النسائية من شوارع المغرب حيث كانت الكرة هي رفيقتها الوحيدة منذ الطفولة، على الرغم من النظرة السلبية التي كانت تحيط بممارستها لهذه الرياضة بين الفتيات في الوطن العربي. استمرت في تحدي التقاليد التي لم تكن تشجع ممارسة كرة القدم للإناث، وخاصة رفض أسرتها، لكنها استطاعت إقناع والدتها بعد إثبات تميزها في الدراسة والرياضة معًا، ما جعل والدتها تتحول إلى داعمة أساسية لمسيرتها الرياضية. بدأت حنان رسم خطواتها الاحترافية عبر نادي البلدي العيون بين عامي 2014 و2016، حيث حققت بطولة وطنية، ثم انتقلت إلى الجيش الملكي المغربي، وهو الفريق الذي كان بمثابة قفزة كبيرة في مسيرتها، إذ ساهمت في تتويج فريقها بلقب دوري أبطال أفريقيا عام 2022، رغم المنافسات الشرسة لحجز مكانها في التشكيلة الأساسية في ظل وجود نخبة من اللاعبات المغربيات.

حنان آيت الحاج وتجربتها الاحترافية في الكرة النسائية الأوروبية

شهدت رحلة حنان آيت الحاج في كرة القدم النسائية أولى محطاتها الاحترافية في الدوري الإسباني مع فريق سرقسطة عام 2020، حيث واجهت مستوى تنافسيًا مختلفًا وأجواء أكثر تحديًا، مما ساعدها على تطوير مهاراتها واكتساب خبرات مميزة في عالم الاحتراف. ووصفت تلك التجربة بأنها كانت مفيدة جدًا من حيث التعلم والتأقلم مع اختلاف أساليب اللعب بين الكرة الأوروبية والعربية، مشيرة إلى أن الفارق الزمني بين تطور كرة القدم النسائية في القارتين يوضح هذه الفروق. ورغم التحديات، فإن حنان ترى أن الكرة النسائية في المغرب تشهد نقلة نوعية في الأداء بفضل احتكاك المنتخب المغربي بمنتخبات قوية ومشاركة مستمرة في البطولات الدولية، مما يعزز مستواها ويقربها من المنافسة الأوروبية.

تحديات حنان آيت الحاج في تغيير المعتقدات وتعزيز مكانتها في كرة القدم النسائية

لم تكن مقاومة التقاليد والموروثات الثقافية هي الصعوبة الوحيدة التي واجهتها حنان في مشوارها، بل شملت التحديات أيضًا ظروف التدريبات والمواظبة على اللعب في شهر رمضان الكريم، فكان عليها تجاوز الانطباعات السائدة بين المدربين واللاعبين حول تأثير الصيام على الأداء الرياضي. أظهرت حنان أن الصيام يعزز من عزيمتها وقوتها النفسية داخل الملعب، ونجحت في تغيير تلك المعتقدات عبر أدائها المتميز في المباريات خلال هذا الشهر، ما زاد من احترام ودعم الفريق لها. بقيت حنان متمسكة بدعم أسرتها، خاصة بعد حصولها على شهادة البكالوريوس ودبلومة في إدارة الأعمال، مما أضاف بعدًا أكاديميًا لمسيرتها الرياضية. ثم عادت إلى الدوري المغربي قبل خوض تجربة احتراف مع نادي فالنسيا الإسباني الموسم الماضي، والتي أفادتها على المستويين الشخصي والمهني، كما عززت مكانتها في صفوف المنتخب الوطني.

الإنجاز التفاصيل
بطولة دوري أبطال أفريقيا تتويج الجيش الملكي المغربي عام 2022
نهائي كأس الأمم الأفريقية وصافة نسختي 2022 و2024 لأول منتخب عربي
كأس العالم للسيدات 2023 التأهل التاريخي لدور الـ16 لأول مرة

تتميز مسيرة منتخب المغرب للسيدات بحضور قوي على الساحة القارية والعالمية، حيث وصلوا إلى نهائي كأس الأمم الأفريقية مرتين متتاليتين في 2022 و2024، وكذلك اعتبروا أول منتخب عربي يتأهل إلى كأس العالم للسيدات نسخة 2023، محققين إنجازًا تاريخيًا بالتأهل إلى دور الـ16. كانت حنان آيت الحاج جزءًا فاعلًا في هذه الإنجازات، بما في ذلك الفوز على كوريا الجنوبية في كأس العالم، ورغم خسارة نهائي كأس الأمم الأفريقية الأخيرة على أرض المغرب بسبب جدل تحكيمي، ظلت روح الفريق قوية وطموحاتهم مرتفعة، خصوصًا بعد دعم الملك محمد السادس، مما دفعهم لتوجيه أنظارهم إلى لقب عام 2026.

تلعب حنان آيت الحاج بحماس كبير وكأنها تعيش حلمًا شخصيًا وجماعيًا في كرة القدم النسائية المغربية، فهي ترى أن التحضيرات المكثفة والاحتكاك المستمر مع فرق عالمية كانا مفتاح تألق منتخب المغرب في كأس العالم ومصدرًا للثقة بشق الطريق أمام كرة القدم النسائية في المنطقة. والأهم من ذلك هو دور الجماهير المغربية التي ساندت الفريق بقوة، حيث كانت مشاهد التشجيع لمنتخب الرجال أحد مصادر الإلهام، مما حث حنان وزميلاتها على تقديم أداء يليق بتطلعات المشجعين ويرسم تاريخًا جديدًا لكرة القدم النسائية. وعلى الرغم من نجاحاتها الكبيرة، تظل حنان محافظة على حياتها الاجتماعية الطبيعية بعيدًا عن الانقسامات أو التوازن المفترض بين كونها امرأة وكونها لاعبة، مؤكدة أن حياتها شخصية عادية كبقية النساء في المغرب والعالم، ولا تسمح لأي من جوانب حياتها بالتأثير على الأخرى.

تضع حنان آيت الحاج الآن خطواتها القادمة بتمعن، حيث لا تزال تدرس العروض الاحترافية التي تلقاها من أوروبا ودول أخرى عبر وكيلها، مما يفتح أمامها آفاقًا جديدة في مستقبَل مشرق لكرة القدم النسائية، وتبقى متفائلة بمواصلة مسيرتها سواء داخل المغرب أو على المستوى الدولي.