08-08-2025 | كيف أعادت تدفقات «الهوت ماني» رسم الخارطة النقدية في مصر؟ تعرف على التفاصيل

تساهم تدفقات «الهوت ماني» بشكل كبير في إعادة تشكيل المشهد النقدي في مصر خلال الفترة الحالية، حيث شهدت السوق المالية نشاطاً ملحوظاً مع دخول أموال أجنبية ضخمة تعزز من ثقة المستثمرين وتعكس حالة من الاستقرار النسبي، رغم التكهنات والتوقعات المتباينة حول سعر صرف الدولار وتأثيراته على الجنيه.

تدفقات «الهوت ماني» وتأثيرها على سعر صرف الدولار في مصر

شهد السوق المصرية منذ بداية يوليو 2025 تدفقات «الهوت ماني» بمليارات الدولارات، حيث كشف الباحث الاقتصادي الدكتور أحمد أبوعلى أن هذه الاستثمارات قصيرة الأجل وصلت بين 6 و8 مليارات دولار، وهي أموال ضخها مؤسسات مالية دولية تبحث عن عوائد مرتفعة في بيئة مستقرة نسبيًا؛ ما أسهم بشكل مباشر في تراجع سعر الدولار أمام الجنيه خلال الأسابيع الأخيرة، وهو انعكاس طبيعي لزيادة الثقة في قدرة السوق المصري على امتصاص تلك الأموال وتحقيق عوائد مجزية للمستثمرين.

توزيع استثمارات «الهوت ماني» وعلاقته بالقروض الحكومية

أكد أبوعلى أن حوالي 3.3 مليار دولار من هذه الأموال دخلت عبر السوق الثانوية، مع توزع الباقي على السوق الرئيسية، ورغم نقص البيانات الرسمية الدقيقة حول نسبة مشاركة المستثمرين الأجانب، فإن العلاقة بين هذه التدفقات واقتراض الحكومة بمبلغ 1.074 تريليون جنيه خلال يوليو تبرز بشكل واضح؛ إذ تم تخصيص نحو 436 مليار جنيه منها لسداد أذون وسندات مستحقة، ما يجعل صافي الاقتراض الفعلي حوالي 638 مليار جنيه، يُغطي جزئيًا عبر تدفقات «الهوت ماني»؛ مما يدل على ارتباط قوي بين تحركات الأسواق المالية الدولية وتأثيرها في السوق المحلية.

تأثير مؤسسات التمويل الدولية على السوق النقدي في مصر

أوضح أبوعلى أن المستثمرين الأجانب الذين يضخون هذه الأموال ليسوا مضاربين أفرادًا بل مؤسسات مالية كبرى مثل «جولدمان ساكس» و«سيتي بنك» و«HSBC»، وهي جهات تتميز بدقة تحليلاتها وحرصها على الاستثمار في أسواق تتمتع بالحد الأدنى من الاستقرار والانضباط النقدي؛ ما يجعل دخولها إلى السوق المصرية دليلاً واضحًا على وجود ثقة نسبية في السياسات الاقتصادية والنقدية الحالية. هذه الحقيقة تتناقض مع الشائعات التي تتنبأ بتعويم جديد للجنيه أو ارتفاعات خيالية لسعر الدولار؛ فلو كانت هذه التوقعات حقيقية، لما استمرت هذه المؤسسات بضخ الأموال بالمليارات في السوق المصري.

في ظل هذه التدفقات الكبرى، يتوقع أبوعلى أن يكون التحدي الأساسي أمام الاقتصاد المصري هو كيفية تحويل الأموال قصيرة الأجل إلى استثمارات إنتاجية تدعم النمو المستدام؛ ما يعزز بناء اقتصاد قوي قائم على أسس طويلة المدى، خصوصًا مع استعداد البلاد لاستقبال وفد من صندوق النقد الدولي خلال الربع الأخير من العام، حيث لا تزال النظرة العامة تتسم بالتفاؤل حيال مستقبل الاقتصاد والسياسات النقدية في مصر.