شهد المسرح تغييرات جذرية مع دخول الذكاء الاصطناعي ليعيد تشكيل المشهد الفني ويكسر الأعراف التقليدية، إذ أصبح الذكاء الاصطناعي عنصراً محورياً في تطوير الفنون المسرحية وتحويلها إلى فضاءات تقنية معاصرة تتماشى مع طبيعة التلقي الحديثة. يناقش ذلك الناقد الكويتي سليمان آرتي في محاضراته، حيث يبرز كيف تتكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي مع الأداء المسرحي لخلق تجربة سينوغرافية متجددة.
تأثير الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل المسرح وتقنيات الأداء
أكد الدكتور سليمان آرتي على أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر دوره على تحويل الفنون المسرحية فقط، بل إنه يساهم في صياغة ممارسات إبداعية جديدة من خلال دمج عناصر تقنية كالروبوتات والأداء الرقمي الذي يشمل الصوت والصورة والإضاءة، وبذلك يتولد فضاء مسرحي يعتمد على تفاعل الإنسان مع الآلة. هذا التداخل يعكس ثنائية متلازمة بين المسرح والتكنولوجيا، تنعكس على شكل عروض حديثة تستغل الإمكانيات الرقمية لتجاوز الأنماط التقليدية لعرض الأحداث.
الذكاء الاصطناعي وتعزيز القدرات الإنسانية في إطار المسرح المعاصر
يرتبط مفهوم الذكاء الاصطناعي في المسرح بما يعرف بـ”ما بعد الإنساني” الذي يربط بين التطور التكنولوجي وتعزيز قدرات الإنسان، وهو ما ناقشه الباحث سيمون يونج عالمياً عبر ربطه بالهندسة الوراثية وتشكيل أجساد مهجنة، كما ورد في دراسات نوران مهدي عبد العزيز. وفي تجربة مسرحية مثل عمل المخرج الفرنسي فيليب ديمير، الذي وظف هياكل آلية نصفية على الممثلين، يعكس الذكاء الاصطناعي قدرة الأداء المسرحي على محاكاة التعايش بين الإنسان والآلة، مما يُحدث تحولات نوعية في أساسيات الأداء والحركة المسرحية.
الذكاء الاصطناعي ودوره في كسر الأعراف المسرحية وفتح فضاءات رقمية جديدة
تؤكد فرضيات الباحث سليمان آرتي أن الذكاء الاصطناعي في المسرح لا يعزز فقط قدرات الإنسان بل يفرض أنماطاً جديدة من التحكم في العرض، مثل الإضاءة والصوت وبرمجيات الفيديو، ما يؤدي إلى إحداث كسر في الأعراف الأدائية التقليدية ويدفع المسرح نحو فضاءات رقمية تتداخل فيها البنية الطبيعية بالمكونات الآلية. هذه التطورات لا تشكل مجرد أفكار نظرية، بل هي تجليات واقعية في عروض مسرحية معاصرة تستثمر الذكاء الاصطناعي لتمديد حدود الإبداع وبناء علاقات تفاعلية جديدة تجمع بين الفن والتكنولوجيا والإنسان.
العنصر | وصف وتأثير الذكاء الاصطناعي |
---|---|
الروبوتات والأداء الرقمي | تشكيلات تقنية متجددة تعزز التجربة المسرحية وتغير من طريقة التلقي |
التحكم بالأداء | الإضاءة، الصوت، الحركة والبرمجيات تخلق فضاءات مسرحية جديدة وأكثر تفاعلاً |
تجربة “Inferno” | استخدام هياكل آلية نصفية لدمج الأداء الحركي مع التكنولوجيا |
مفهوم ما بعد الإنساني | تعزيز القدرات البشرية عبر التكنولوجيا واستكشاف أجساد مهجنة في الأدب المسرحي |
يتميز مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي بكونه منصة عالمية تقدم مسرحيات تجريبية من مختلف دول العالم، حيث يعزز التواصل الثقافي وينقل للمشاهدين في مصر والعالم العربي نبض الإبداع المسرحي الحديث، مدعماً بذلك اندماج الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية في الفنون الحية. هذا التكامل بين التقنية والمسرح يفتح نافذة واسعة على مستقبل المسرح، الذي يبدو أنه بدأ بمرحلة جديدة تعيد تعريف المفاهيم التقليدية وتخلق واقعاً مسرحياً متطوراً وشاملاً في آن واحد.