تنويه هام اليوم.. جهاد الديناري يكشف كيف يهدد الذكاء الاصطناعي مسرح الطفل ويضعف التفاعل الحي أمام الشاشات

الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات جديدة على مسرح الطفل ويقلّل من جودة التلقّي الحي أمام الشاشات الإلكترونية

شهد مسرح الطفل تطورًا غير مسبوق مع ظهور الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح هذا المجال المعرفي والتقني يؤثر على طبيعة العروض والأساليب التي يقدم بها الجمهور عروضه، وذلك في ظل انتشار مسرح الطفل الإلكتروني الذي يواجه تحديات كبيرة تعيق التلقّي الحي وتؤثر على جودة التجربة المسرحية للأطفال.

الذكاء الاصطناعي وتأثيره على تطور تقنيات مسرح الطفل الإلكتروني

أكدت الباحثة جهاد الديناري أن مسرح الطفل “الأون لاين” أصبح يعتمد بشكل شبه كامل على الذكاء الاصطناعي في كل مراحل العرض، بدءًا من كتابة النصوص والإخراج وانتهاءً بطريقة العرض نفسها، مما يشكل نقلة نوعية في هذا المجال. ويرجع صعود هذا النوع من المسرح إلى الظروف الاستثنائية التي فرضها انتشار فيروس كورونا، حيث تم استحداث آليات تتيح مشاهدة العروض المسرحية عبر الإنترنت بعد حجز إلكتروني، كما تجلت في تجربة العرض الأمريكي Dream الذي تَمَّ عرضه دون الحاجة إلى الوجود الفيزيائي للجمهور. هذه التقنيات قدمت حلولاً واقعية خلال الفترات الحرجة، لكنها من جهة ثانية تهدد روح التلقّي الحي التي تُعدّ أساسًا لمسرح الطفل، حيث يعتمد التفاعل الحسي المباشر بين الطفل والعرض المسرحي على حضور فعلي لا يمكن تعويضه بشاشات إلكترونية.

كيف يهدد الذكاء الاصطناعي تلقّي الطفل المباشر ويضعف الصناعة المسرحية التقليدية؟

تطرقت جهاد الديناري إلى جانب آخر مهم يتمثل في خطورة التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي داخل صناعة مسرح الطفل، خاصة عند الاعتماد على برمجيات الذكاء الصناعي في كتابة السيناريوهات وإنتاج الصور المسرحية الرقمية وحتى الإخراج. هذا الاعتماد المتزايد يجعل محرك الصناعة يميل إلى سيطرة الآلة على حساب المبدع الإنساني، ما يقود إلى تقلص فرص التفاعل الحقيقي والتلقّي الحي. علاوة على ذلك، أكدت الباحثة أن هذا التغيير قد يؤثر سلبًا على الصحة النفسية والعقلية للأطفال والمراهقين، الذين يتطلعون إلى تجارب مسرحية تفاعلية تحفّز الحواس والعاطفة، ولا يمكن توفير ذلك بشكل كامل عبر العروض الإلكترونية.

الدمج بين البعد المادي والتجسيد الافتراضي في المسرح وتأثير الذكاء الاصطناعي عليه

من جهة أخرى، أشار الأستاذ الدكتور عبد الكريم عبود عودة إلى أن التطورات التقنية والذكاء الاصطناعي أحدثا تحولات جوهرية في المسرح بدءًا من قرن مضى إلى اليوم، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل فاعلًا يمارس دورًا أساسياً في صياغة العمليات الإبداعية المسرحية. تم تطوير تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز بما يتيح دمج الصورة بالصوت عبر قوانين رقمية متقدمة، ما يغير من قواعد التفاعل الجمالي والفني. وبفضل الذكاء الاصطناعي، توفر للسينوغرافيا إمكانيات هائلة لتصميم عوالم رقمية متغيرة ومتفاعلة، توفّر تناسجًا بين المكونات المادية للعرض والتجسيدات الافتراضية، وهو ما يخلق ديناميكية جديدة ارتكزت على التعاون بين الفنان والعمق الرقمي المنتج للعروض.

العنصر التأثير في مسرح الطفل
الذكاء الاصطناعي في الكتابة والإخراج يؤدي إلى فقدان التواصل الإنساني ويضعف الجودة التلقائية
العرض المسرحي الإلكتروني يسمح بالمشاهدة عن بعد لكنه يحدّ من التفاعل الحسي
الصحة النفسية للأطفال تتأثر سلبًا بالتجارب غير التفاعلية والافتراضية
التقنيات الرقمية (الواقع الافتراضي والمعزز) تعيد تشكيل المشهد المسرحي في عوالم متغيرة

تواصل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي أحد أهم المهرجانات التي تستقطب التجارب المسرحية الجديدة حول العالم، دوره في عرض هذه التطورات وتسليط الضوء على التفاعلات بين المسرح والذكاء الاصطناعي، من خلال جلساته النقاشية المتخصصة، التي تهدف إلى إثراء الحوار الفني والثقافي بين الفنانين والجمهور، وتعزيز فهم ما يطرحه الذكاء الاصطناعي من فرص وتحديات للمشهد المسرحي في مصر والمنطقة العربية.

إن التغيرات التي يصنعها الذكاء الاصطناعي في مسرح الطفل والارتباط الوثيق بين التكنولوجيا والإبداع المسرحي تضع الفن التجريبي في مواجهة مباشرة مع ضرورة المحافظة على التفاعل الحيّ الذي يميز تجربته، ما يسمح بإعادة التفكير في كيفية دمج هذه التقنيات بما يحافظ على قيمة التلقي المباشر لدى الأطفال.