اكتشف اليوم سر فؤاد المهندس.. أسطورة الكوميديا المصرية ومهندس البهجة التي لا تُنسى

فؤاد المهندس مهندس البهجة هو رمز الكوميديا المصرية التي استمرت في إضحاك الجماهير لأكثر من خمسين عامًا رغم مرور قرابة عقدين على رحيله، حيث يعبر العمل الفني لفؤاد المهندس عن دمج فريد بين السخرية والواقع الاجتماعي بأسلوب يجذب مختلف الأعمار والطبقات. مع اقتراب ذكرى ميلاده الـ101 في سبتمبر 2025، يبقى إرثه الفني شاهدًا حيًا على موهبته وقدرته على تجديد روح الكوميديا.

مسيرة فؤاد المهندس الفنية وبدايات مهندس البهجة

وُلد فؤاد المهندس في عام 1924 بالقاهرة داخل أسرة متوسطة، ومنذ طفولته ظهر عليه حس كوميدي عالي وخفة ظل مميزة ميزته بين أقرانه، وتمكن من استثمار ذلك عبر الانضمام إلى الفريق المسرحي بكلية التجارة في جامعة القاهرة، حيث بدأ طريقه في عالم الفن. في تلك المرحلة، بدأ بتشكيل شخصيته الفنية التي اتسمت بالاندماج بين الكوميديا والمواضيع الاجتماعية، ما أرسى قواعد نجاحه المستقبلي كمهندس البهجة في ذاكرة المشاهدين، وجعل اسمه مرادفًا للضحك والفرح.

فؤاد المهندس وأعماله السينمائية التي خلدت اسمه في تاريخ الكوميديا المصرية

قدّم فؤاد المهندس مجموعة كبيرة من الأفلام التي شكلت علامات فارقة في السينما المصرية، حيث تناولت أعماله قضايا اجتماعية وإنسانية بأسلوب كوميدي ساخر، ومن أبرز هذه الأعمال “أرض النفاق” الذي كشف المظاهر الزائفة في المجتمع، و”أخطر رجل في العالم” الذي جمع بين الفكاهة والإثارة. كما أبدع في “اعترافات زوج” الذي عالج العلاقات الأسرية، و”العتبة جزاز” الذي يعتبر من أشهر أفلام الستينيات. بالإضافة إلى مشاركاته مع نجوم كبار مثل عبد الحليم حافظ في “معبودة الجماهير” و”الخطايا”، وكذلك فيلم “عائلة زيزي” مع مجموعة من النجوم الشباب. وفي ثمانينيات القرن الماضي، قدّم أداءً لافتًا في فيلم “البيه البواب” مع أحمد زكي، مما أكد قدرته على التكيف مع تغير الأجيال الفنية.

المسرح والإذاعة.. مملكتا فؤاد المهندس ومصدر بهجته المتجددة

المسرح يمثل مساحة فنية مهمة في حياة فؤاد المهندس، فقد أبدع في مجموعة من المسرحيات التي لا تزال تجذب الجمهور حتى اليوم عبر القنوات والمواقع الرقمية. من أشهر مسرحياته “سيدتي الجميلة” المقتبسة من العمل العالمي الشهير، و”إنها حقًا عائلة محترمة” التي امتازت بالكوميديا الإنسانية، إضافة إلى “سك على بناتك” التي تزخر بجمل ذكرت في الذاكرة الشعبية و”علشان خاطر عيونك” التي عكست مزاجه المرح وروحه المرحة. على صعيد الإذاعة، امتلك برنامجه الناجح “كلمتين وبس” مساحة واسعة لطرح القضايا المجتمعية بطريقة ساخرة جعلته قريبًا من الناس، حيث اختتم حلقاته بجملة “مش كده ولا إيه؟” التي أصبحت علامة مميزة مرتبطة به، وتعكس حس الفكاهة لدى الجمهور.

الإفيهات والعبارات التي صنعها فؤاد المهندس وأصبحت تراثًا شعبيًا

تميز فؤاد المهندس بقدرته على إطلاق الإفيهات التي انتشرت بين الناس وتحولت إلى أمثال متداولة في الحياة اليومية، منها «المكنة طلّعت قماش» من فيلم “عائلة زيزي”، وكذلك جملة «سك على بناتك لكن اعطيهم المفتاح» من مسرحية “سك على بناتك”، وأيضًا «كنت سيبيه يمسكها يا فوزية» التي دخلت في الثقافة الشعبية، مما يبرهن على تأثير فنه العميق الذي تجاوز حدود الشاشة ليصل إلى وجدان الناس بطريقة غير مسبوقة.

تقييم النقاد لمسيرة فؤاد المهندس وأثره على الكوميديا المصرية

يرى العديد من النقاد أن فؤاد المهندس لم يكن مجرد ممثل كوميدي عادي، بل مدرسة متكاملة تحمل الكثير من العبر، حيث أشاد الدكتور وليد الخشاب بأنه «رمز للبهجة ووجه من وجوه التحرر الوطني»، مؤكدًا ارتباطه بمرحلة القومية العربية وكونه جزءًا لا يتجزأ من ذاكرة المجتمع في ذلك الوقت. أما الناقد الفني أحمد سعد الدين، فيصفه بـ”الأستاذ الكبير وصانع النجوم”، مشيرًا إلى أن أعماله ليست للضحك فقط، بل تنطوي على رسائل إنسانية عميقة وجوانب اجتماعية تستحق التأمل.

تأثير فؤاد المهندس على نجوم الكوميديا وبناء الجيل الجديد

يعتبر فؤاد المهندس امتدادًا طبيعيًا للإرث الفني الذي بناه الفنان الكبير نجيب الريحاني، لكنه في الوقت نفسه أسس مدرسة فنية تميّزت بإنتاج جيل جديد من النجوم، حيث ساهم في إطلاق مسيرة عادل إمام الفني في بداياته، كما قدّم النجمة شيريهان التي لمعت من خلال مسرحياته، بالإضافة إلى محمد أبو الحسن الذي اكتسب شهرة كبيرة بفضل تعاونه المستمر مع المهندس. هذا الإرث يؤكد دوره المؤثر في تكوين وتحفيز المواهب الشابة التي استمرت في تطوير الكوميديا المصرية.

إرث فؤاد المهندس في ذاكرة الجمهور وأهميته المستمرة

رغم رحيله في عام 2006، إلا أن اسم فؤاد المهندس لا يزال حاضرًا بشكل يومي بين محبيه، حيث تستمر قنوات التلفزيون في عرض أعماله القديمة، وتنتشر مقاطع من أفلامه ومسرحياته عبر منصات التواصل الاجتماعي، ليبقى عنوانه “مهندس البهجة” هو الوصف الأمثل للضحكة التي زرعها في قلوب الملايين؛ ضحكة تلخص خلاصة أدواره وأسلوبه الفني الفريد الذي مزج بين الضحك والوعي، ونجح في أن يجعل من كل جملة أو مشهد أيقونة لا تنسى، خاصة جملته المشهورة «مش كده ولا إيه؟» التي ما زالت تردد بين الناس كرمز للبسمة الدائمة.