
نظّمت مكتبة محمد بن راشد جلسة أدبية نقدية تحت عنوان “أدب تحت المجهر: مخاطبة عقول الشباب” ضمن برنامج الاحتفاء بالثقافة والأدب العربي، وناقشت الجلسة أعمال الكاتبة والناقدة هيا صالح، متناولة روايتها “جرعة زائدة” إلى جانب نخبة من الأعمال الأدبية الموجهة لليافعين، بحضور نخبة من التربويين والمهتمين بأدب الطفل، مما أضفى بعداً تفاعلياً ثرياً للحوار.
أدب اليافعين والتحديات التي تواجه الكتاب
تناولت الكاتبة هيا صالح خلال الجلسة عدداً من التحديات التي تواجه الكتاب عند مخاطبة فئة اليافعين، حيث أكدت أن الكتابة لهذه الفئة العمرية الدقيقة تتطلب وعياً متقدماً وقدرة على موازنة البساطة والعمق في الطرح، كما أشارت إلى أهمية فهم التحولات التي يعيشها المراهقون على الصعيدين الاجتماعي والنفسي، ويرى نقاد الأدب أن الأعمال الموجهة لهذه الفئة تحتاج إلى قيم تربوية محفزة، دون اللجوء إلى الطابع الوعظي المباشر، مما يجعل الأدب الخاص بهم، حلقة وصل لبناء شخصيات ناضجة مستقلة، تجيد مواجهة التحديات.
وعند الحديث عن رواية “جرعة زائدة”، أوضحت الكاتبة أن الرواية تجمع بين السرد المشوق والمعالجة الواقعية لقضايا الإدمان، حيث قدّمت شخصيات مستوحاة من الواقع، وانتهجت أسلوباً يجعل القارئ يتلمس الأمل في أحلك الظروف، ما يجعلها نموذجاً ريادياً يعكس قدرة الأدب على تقديم حلول مبتكرة وداعمة نحو الإصلاح الاجتماعي.
وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على أدب اليافعين
سلّطت الجلسة الضوء على الفجوة بين تأثير الأدب وأثر وسائل التواصل الاجتماعي السريع في صياغة عقول الناشئة، حيث ناقش الحضور كيف يمكن أن تقدم الكتب وسيلة أعمق وأكثر ثباتاً في بناء شخصية اليافع مقارنة بالمحتوى الرقمي المتغير الذي غالباً ما يفتقر إلى المعنى، ويعتقد الكثيرون أن دمج التقنيات الحديثة مع الأعمال الأدبية قد يعزز تفاعل المراهقين الشباب مع القراء والمفكرين، كما استعرض الخبراء كيفية تحقيق التوازن بين المحتوى الثقافي التقليدي والعالم الرقمي المتسارع.
تُعد هذه النقاشات دعوة لحث الأدباء والمؤلفين على توفير محتوى متجدّد ومثير للاهتمام يغذي العقول ويغرس فيها مبادئ التسامح، والمثابرة، والانخراط الواعي في الحياة الثقافية والاجتماعية للمجتمعات.
أهمية الجوائز الأدبية في تعزيز أدب اليافعين
خلال حديثها، أبرزت هيا صالح الدور الكبير للجوائز الأدبية الرفيعة في رفد الساحة الأدبية بأعمال ذات جودة عالية، مشيرة إلى أن الأدب الموجه للشباب اليافعين يجد دعماً متزايداً من هذه الجوائز التي تسلط الضوء على الأعمال الإبداعية الأهم، ويرى الخبراء أن الجوائز تشجع الكتّاب على التركيز على الحبكة المتقنة والشخصيات القريبة من واقع هذه الفئة، كما تُبرز قضايا ذات صلة مثل الصحة النفسية، والتنمر، والمسؤولية العالمية، وهو ما يعكس تطوراً ملحوظاً في رؤية الأدب العربي وقدرته على تلبية احتياجات الجيل الحديث.
واختُتمت الجلسة بنقاش موسّع بين الحضور الذين أثروا الحوار بمداخلاتهم، فيما عبّرت مكتبة محمد بن راشد عن سعيها الدائم لتعزيز الأدب العربي بوصفها منارة للثقافة والإبداع.