تصريح مهم اليوم.. محمود صبري يؤكد: التكنولوجيا تفتح آفاقًا جديدة للخيال المسرحي لكنها تظل أداة فقط

تُعتبر المحاكاة البصرية في المنظر المسرحي من الأدوات الأساسية التي تفتح آفاقًا واسعة للخيال الفني على خشبة المسرح، وهي تقنية باتت تدخل في تفاصيل تصميم المشاهد والمواقع المسرحية بشكل أكبر من أي وقت مضى. يقدم مهندس الديكور محمود صبري، الأستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية، أحدث الأفكار والاتجاهات في هذا المجال خلال الماستر كلاس الخاص بمحاكاة البصرية في المشهد المسرحي ضمن فعاليات مهرجان الفضاءات غير التقليدية بأكاديمية الفنون.

أنواع وتقنيات المحاكاة البصرية في المنظر المسرحي وكيفية توظيفها

يبدأ محمود صبري بتفصيل أنواع الإسقاط الضوئي المختلفة سواء الثنائي الأبعاد أو الثلاثي الأبعاد، مشيرًا إلى أهمية توظيفها بدقة لتعزيز المشهد المسرحي، مع التركيز على وظيفة هذه التقنيات في دعم الرؤية الفنية للعروض وليس مجرد تنفيذ خدع بصرية. كما يوضح الفرق الحقيقي بين محاكاة الهيلوجرام والخيال السائد حولها، حيث يُبَيّن أن هذه التقنية لا تسمح بإظهار الأجسام في الهواء بشكل مستقل بل تعتمد على أسطح عاكسة محددة، ما يحصر استخدامها في حدود مدروسة داخل العرض، مع تنويه لأمثلة تطبيقية محلية وعالمية تلجأ إلى الهيلوجرام في المسرح والسيرك.

تطور الشاشات الرقمية واستخداماتها المتقدمة في المشاهد المسرحية

يتناول المحور الثالث من الماستر كلاس أهم المستجدات في مجال الشاشات المستخدمة على المسرح، مؤكدًا أن استخدام الشاشات تقليديًا كان يركز على شاشات LED المعتادة، لكن الآن ظهر جيل جديد من الشاشات الشفافة والمرنة التي تسمح بابتكارات بصرية مبتكرة وأشكال متفاوتة تتخطى الإطارات المستطيلة التقليدية، مما يوسع الإمكانيات الفنية أمام مصممي الديكور والمخرجين لاستخدام هذه التقنيات لخلق عروض مسرحية تفاعلية وجذابة.

دور تقنيات الواقع المعزز وأساسيات استخدامها في تصميم المشهد المسرحي

يعرّف محمود صبري تقنيات الواقع المعزز بأنها أداة رقمية حديثة تدمج العناصر الرقمية بالواقع المباشر على خشبة المسرح بشكل تُفاعلي ومؤثر، ويشدد على أهمية الفهم الجيد لهذه التقنيات لتوظيفها بشكل يخدم محتوى العرض، وليس لغرض الإبهار فقط. يتضمن الجانب العملي تطبيقات على استخدام أجهزة مثل البروجكتور واللابتوب، مع شرح البرامج وأنظمة التشغيل اللازمة، ويعتمد على مزيج من الدروس النظرية، العروض المصورة، والتطبيق العملي المباشر أمام المتدربين مع شرح مفصل يضمن الاستيعاب الكامل. كما يؤكد أن المهارات المكتسبة تشمل فهم الأدوات، البرامج المتعددة، وكيفية اختيار الأنسب منها بما يتناسب مع طبيعة العمل المسرحي.

يُلفت محمود صبري إلى أن هذه الورشة لا تستهدف مصممي الديكور فقط، بل تشمل المخرجين والممثلين أيضًا، موضحًا أن فهم المخرج للتكنولوجيا ضروري لتمكينه من الاستفادة منها دون إفساد قيمة العرض المسرحي، وهو أمر يلعب دورًا كبيرًا في فاعلية الأداء المسرحي. ويؤكد أن التقدم التكنولوجي ساعد مصممي الديكور في إنتاج تصاميم تبدو ثلاثية الأبعاد مع مؤثرات إضاءة طبيعية، مشابهة للصور الفوتوغرافية الواقعية، مقارنة بالأساليب التقليدية القديمة التي تعتمد على الرسومات اليدوية. لكنه يشدد على أن التكنولوجيا لا تلغي الموهبة ولا أساسيات المعرفة الفنية التي تظل الأساس المتين في كل تصميم، فالقاعدة تبقى في قواعد الرسم والهندسة والخامات التي يجب إتقانها قبل البدء في توظيف الأدوات الرقمية.

فتح اعتماد تقنيات المحاكاة البصرية آفاقًا مذهلة للخيال المسرحي مثل القدرة على إظهار عناصر طبيعية باستنساخها أو إنتاج نسخ متعددة من شخصية واحدة تتفاعل مع الممثل على المسرح، إلى جانب إمكانية استحضار شخصيات تاريخية بصريًا إلى جانب الممثلين الواقعيين، ما يعزز تجربة الجمهور بصريًا ويدخلهم في أجواء العرض بشكل أعمق. تبقى التكنولوجيا أداة قوية تخدم المصمم والمخرج، لكنها لا تحل محل الأساس الفني؛ فهي مساعدة وليست بديلاً عن المعرفة والتكوين الإبداعي المتين.