
تعتبر توقعات المؤسسات الاقتصادية الكبرى مؤشرًا حيويًا على الأداء الاقتصادي للدول، حيث أصدرت شركة «إي إف جي هيرميس» تقريرًا يكشف عن تعديل توقعاتها لسعر صرف الدولار والجنيه المصري للعام المالي القادم، وهذا التطور جاء متزامنًا مع رؤية إيجابية للنمو الاقتصادي المصري الذي طالما كان محور اهتمام الأسواق الدولية بفضل الإصلاحات الاقتصادية المتواصلة.
توقعات هيرميس لسعر الدولار وتأثيرها على الاقتصاد المصري
أوضحت شركة «إي إف جي هيرميس» أن متوسط سعر الدولار أمام الجنيه المصري قد يبلغ 51.75 جنيهًا خلال العام المالي المقبل، وهو رقم يُعَد أعلى من توقعات العام الحالي التي كانت عند مستوى 49.9 جنيهًا، ويعود ذلك إلى استمرار التحديات في الاقتصاد العالمي والضغط على العملات المحلية في الأسواق الناشئة، ومن جهتها، تعكس هذه التوقعات رغبة المؤسسات الدولية في قراءة المستقبل المالي لمصر، والتي بدورها تُظهر تركيزا على استقرار البلاد النقدي والاقتصادي رغم الأزمات الدولية المستمرة.
النمو الاقتصادي في مصر يدفع المؤشرات للأعلى
تتوقع هيرميس معدل نمو بنسبة 4.7% للناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2024/2023 مقارنة بـ3.7% خلال العام الحالي، وهو ما يعكس تعافي الاقتصاد المصري من التحديات السابقة، كما توقعت ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي ليصل إلى 45.1 مليار دولار بنهاية العام المالي القادم مقارنة بـ44.8 مليار دولار المتوقع تسجيلها بنهاية العام الجاري، هذه التحسينات تدعم الثقة الدولية في الاقتصاد المصري في ظل برامج الإصلاح المستدامة والتحركات الإيجابية لتعزيز البنية التحتية الاقتصادية.
ضغوط السيولة الدولارية وتحديات القطاع المصرفي
رغم المؤشرات الإيجابية المتوقعة، تواجه مصر استمرار الضغوط النقدية، حيث تتنبأ هيرميس بتراجع صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي إلى 5.8 مليار دولار مقارنة بـ7 مليارات دولار متوقعة حاليًا، وهو ما يعكس الحاجة الملحّة لتعزيز تدفقات النقد الأجنبي وتوسيع قاعدة المستثمرين الأجانب في البلاد، ما قد يُسهم في تقليل الضغوط المستقبلية على السيولة الدولارية ضمن الجهاز المصرفي.
وعلى صعيد التحليل الدولي، أكد صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد المصري يسير نحو تحقيق نمو مطّرد، حيث يتوقع أن يبلغ معدل النمو 3.8% في السنة الجارية و4.3% العام التالي، مع انخفاض محتمل في معدلات التضخم إلى نحو 12% خلال نفس الفترة، وأوضح الصندوق أهمية تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وبرنامج الطروحات الحكومية والذي يشكّل عاملًا حاسمًا في استقطاب الاستثمارات الجديدة.
يبدو الاقتصاد المصري في وضع متوازن بين التحسن والتحديات، حيث تبرز الأولويات المحلية والدولية أهمية تعزيز العمليات الإنتاجية وتقوية الاحتياطات الأجنبية مما سيقلل تأثر الدولة بالتقلبات العالمية، ويعتبر العام المالي القادم فرصة محورية لاستعادة زخم النمو وتطوير القطاع الاقتصادي.