«ذكرى وفاة» حسن مصطفى.. ناظر الكوميديا ورمز الضحكة الراقية الذي لا يغيب

يُعد الفنان الكبير حسن مصطفى أحد أعلام الكوميديا المصرية، ورمزًا خالدًا للأداء الرصين والمميز في الفن العربي، وعلى الرغم من مرور سنوات على رحيله، فإن سيرته ومساهماته ما زالت تُحكى، خاصةً أنه استطاع بموهبته وخفة ظله أن يكسب قلوب الملايين، وأن يبقى ذكره حاضرًا كمبدع متكامل ينتمي لجيل قدم للسينما والمسرح والتلفزيون أروع الأعمال الإبداعية.

حسن مصطفى.. النشأة وبداية المسيرة الفنية

وُلد حسن مصطفى إسماعيل في 26 يونيو 1933 بحي الظاهر بمدينة القاهرة، وتجلّى حبه للفن منذ الطفولة، فحاول جاهدًا تنمية موهبته من خلال الانخراط في الأنشطة المدرسية المرتبطة بالمسرح، ومع نمو شغفه التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج منه عام 1957، ما منحه قاعدة مهنية قوية لدخول ميدان التمثيل.
بدأ الفنان مسيرته في فرقة إسماعيل ياسين ثم انضم إلى عدة فرق فنية كفرقة المسرح القومي ومسرح التلفزيون وفرقة الفنانين المتحدين، التي شكّلت نقطة محورية في بداية سطوع نجمه، إذ تألق في تقديم شخصيات متنوعة أثرت في الجماهير.

المسرح.. البصمة الإبداعية في حياة حسن مصطفى

شكل المسرح البوابة الرئيسية لنجومية حسن مصطفى، إذ أبدع في تقديم عدة أدوار رسخت صورته كأحد أفضل ممثلي الكوميديا الراقية، وكان ظهوره في المسرحيات الشهيرة مثل “مدرسة المشاغبين” حيث جسد دور ناظر المدرسة، و”العيال كبرت” بشخصية الأب رمضان السكري، دليلًا على قدرته على تجسيد أدوار مركبة تجمع بين الكوميديا والمضمون الإنساني العميق.
كما تألق في مسرحيات أخرى مثل “سيدتي الجميلة” و”الكدابين قوي”، حيث أبدع بأسلوبه الذي اتسم بالتلقائية وخفة الظل، وحقق من خلالها جماهيرية واسعة تجاوزت حدود مصر لتصل إلى العالم العربي.

إسهاماته في السينما والتلفزيون

لم يكن حسن مصطفى مجرد ممثل كوميدي يُبدع في المسرح فقط، بل ترك بصمة براقة في السينما والتلفزيون، حيث شارك في باقة من الأفلام المميزة مثل “أرض النفاق”، “غريب في بيتي”، و”مرجان أحمد مرجان”، وتميز في دور الشخص الذي يمزج ببراعة بين الحس الفكاهي والرؤية المجتمعية العميقة.
أما في التلفزيون، فقد كان حاضرًا بشكل دائم، حيث شارك في أعمال درامية خالدة أكسبته قبولًا واسعًا من المشاهدين مثل “رأفت الهجان”، “البخيل وأنا”، و”يوميات ونيس”.

رغم تقدُّمه في العمر، بقي حسن مصطفى يُنتج الفن بنفس الحماس والإبداع حتى وفاته في 19 مايو 2015، ليترك إرثًا زاخرًا من الأعمال التي تثري ذاكرة الفن المصري، وما زالت تُلهم أجيالًا متتابعة للاستلهام من عطائه الكبير، والابتسام بمجرد تذكّر مشاهده المتميزة. حسن مصطفى كان أيقونة تجاوزت حدود الفن لتسكن قلوب الجمهور؛ منحه حب الملايين وتقديرهم بلا انتهاء.