«البارود» يغير المعادلة.. كيف أعادت الأحداث رسم خارطة النفوذ في ليبيا؟

«البارود» يغير المعادلة.. كيف أعادت الأحداث رسم خارطة النفوذ في ليبيا؟
«البارود» يغير المعادلة.. كيف أعادت الأحداث رسم خارطة النفوذ في ليبيا؟

أزمات سياسية وأمنية متجددة تشهدها العاصمة الليبية طرابلس، حيث اشتعلت الاشتباكات العنيفة مجددًا عقب اغتيال إحدى الشخصيات القيادية البارزة، ما يسلط الضوء على الانقسامات العميقة والمؤلمة التي تعاني منها البلاد منذ الإطاحة بنظام القذافي عام 2011. هذه التوترات والخلافات المتراكمة أدت لتحول المنطقة إلى أرض صراعات بين فصائل متعددة، محملة بأعباء سياسية وأمنية واقتصادية هائلة.

الصراعات السياسية وتعدد الحكومات في ليبيا

تشهد ليبيا انقسامًا سياسيًا عميقًا يعكس مستوى الصراع المتجذر في البلاد، حيث تتنازع حكومتان على السلطة منذ سنوات، الأولى بقيادة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة، والثانية برئاسة أسامة حماد في بنغازي وتحظى بدعم البرلمان والجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، الأمر الذي أدى إلى بروز مناطق نفوذ منفصلة سياسيًا وعسكريًا، وباتت طرابلس محورًا في هذا الصراع بسبب وجود معظم المؤسسات السيادية بها.

هذا التنازع خلق ولاءات وتحالفات متغيرة تزيد من تعقيد الوضع، إذ تنقلب المجموعات المسلحة تبعًا للتغيرات السياسية أو الميدانية، لتتحول العاصمة أحيانًا إلى ساحة معارك بين الفصائل، ما يزيد من تفاقم الأزمة ويطيل أمدها. احتدام الأوضاع في طرابلس جرّ معه استقالات جماعية من الحكومة وانتفاضات شعبية رافضة لاستمرار الوضع الراهن، مما يدفع البلاد نحو مشهد أكثر غموضًا وتعقيدًا.

اغتيال الككلي وحل الأجهزة الأمنية

قتل عبد الغني الككلي، قائد جهاز دعم الاستقرار، أثار أزمة غير مسبوقة في طرابلس، حيث اندلعت المعارك عقب تصفيته في “كمين” بحسب مصادر مطلعة، الأمر الذي أسفر عن سقوط ضحايا وأدى إلى ردود فعل غاضبة محليًا ودوليًا. الككلي، شخصية بارزة في هيكلية الفصائل الليبية، كان يتمتع بنفوذ واسع من خلال السيطرة على موارد اقتصادية وأمنية، واتهم بمحاربة جهود الدبيبة لإعادة توحيد الهياكل الأمنية.

رد الدبيبة على التصعيد عبر إصدار قرارات تضمنت حل عدد من الأجهزة الأمنية الموازية، وأبرزها جهاز دعم الاستقرار ولجان أمن المنشآت، إضافة إلى مبادرات لإعادة هيكلة المشهد الأمني في العاصمة. القرارات، وإن بدت حاسمة، إلا أنها قوبلت بانتقادات داخلية ودفعت المجلس الرئاسي إلى اتخاذ موقف بتجميد قرارات الدبيبة ذات الطابع العسكري.

دور المجتمع الدولي ومستقبل الأزمة في ليبيا

المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة وأعضاء مجلس الأمن، دعا إلى توحيد المؤسسات الليبية العسكرية والأمنية بالتزامن مع زيارات متبادلة بين مسؤولين ليبيين ودوليين، وقد أبدت بعض القوى رغبة حقيقية في العمل على تفكيك الفصائل المسلحة تدريجيًا. إلا أن التجاذبات بين الأطراف المختلفة وتداخل المصالح يجعل من الصعب تحقيق السلام والاستقرار سريعًا.

وعلى مستوى الداخل الليبي، انقسمت الآراء بشأن استمرار الدبيبة، إذ دعا المحتجون في طرابلس إلى رحيل حكومته بسبب الأزمات المتفاقمة. أما سياسيًا، فقد بدأت مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، إلا أن حسم المواقف الدولية حول الاعتراف بها يظل أحد أهم العوائق، وسط مؤشرات بأن الوضع الميداني قد يزداد سوءًا إذا استمر الانقسام والصراعات حول السيطرة على العاصمة.

العنوان القيمة
عدد القتلى في الاشتباكات الأخيرة 8 أشخاص
المناطق المتنازع عليها طرابلس، مصراتة، بنغازي
أبرز القوى الدولية المعنية الولايات المتحدة، الأمم المتحدة

من الواضح أن الأزمة الليبية لن تنتهي قريبًا ما لم يتم التوصل لحلول سياسية شاملة قادرة على تجاوز الانقسامات، وإعادة بناء المؤسسات على أسس من العدالة والقانون بعيدًا عن هيمنة الفصائل المسلحة.