«كارثة وشيكة».. على حافة السقوط في تطورات درامية تثير القلق

«كارثة وشيكة».. على حافة السقوط في تطورات درامية تثير القلق
«كارثة وشيكة».. على حافة السقوط في تطورات درامية تثير القلق

اليمن، المعروف تاريخيًا بـ”اليمن السعيد”، يعيش اليوم واحدًا من أسوأ الأوضاع الإنسانية والسياسية والاقتصادية في العالم، حيث أصبح مسرحًا للصراعات الداخلية والخارجية، إضافة إلى الأزمات المتفاقمة في البنية التحتية وانعدام الخدمات الأساسية، مما جعل حياة المواطنين اليمنيين تزداد تعقيدًا يوماً بعد آخر، مع غياب واضح لأي بوادر أمل لحل قريب.

اليمن السعيد: من الوحدة إلى التدهور السياسي

شهد اليمن فترة من الاستقرار النسبي بعد توحيد شماله وجنوبه عام 1990، فقد حاولت الدولة حينها بناء نظام ديمقراطي وترسيخ مؤسسات الدولة لخدمة الشعب، رغم التحديات الضخمة التي تمثلت في الفقر والبطالة وضعف البنية التحتية، إلا أن البلاد تمكنت من إجراء انتخابات رئاسية ومحلية، وفتحت المجال لحرية الصحافة والرأي ضمن حدود معينة، إلا أن تردي الأوضاع تدريجيًا بدأ في العقدين الماضيين بعد تفشي الفساد وتهميش القطاعات الهامة واحتكار الثروات والسلطة، وهو ما جعل البلاد تنفجر سياسيًا واجتماعيًا بالتزامن مع أحداث ما يسمى “الربيع العربي” في عام 2011، مما أدى إلى سلسلة من الأحداث التي أدخلت اليمن في دوامة من الصراعات التي لم تنتهِ حتى اليوم.

الحرب وآثارها الاقتصادية والاجتماعية على اليمن

منذ عام 2015، دخل اليمن مرحلة استثنائية من التدهور الحاد نتيجة الحرب والسيطرة الحوثية على صنعاء ومعظم مؤسسات الدولة، مما نتج عنه تدمير واسع للبنية التحتية وتزايد انقسامات السلطة بين الأطراف المختلفة، يعيش أكثر من 20 مليون يمني اليوم تحت خط الفقر، وتعاني العائلات من انعدام الأمن الغذائي وانتشار سوء التغذية خاصة بين الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، تدهور قيمة العملة اليمنية أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار، بينما انقطعت رواتب الموظفين في مناطق واسعة وقلّت بشكل كبير في مناطق أخرى، مما جعل الحياة اليومية أكثر مشقة وصعوبة، إلى جانب غياب الخدمات الصحية والتعليمية، حيث أغلقت آلاف المدارس أبوابها نتيجة الصراع وتحولت بعضها إلى ثكنات عسكرية، مما أدى إلى تسرب الأطفال بشكل واسع من التعليم، وعزز الأزمة الاقتصادية التي أثرت على جميع جوانب الحياة.

التدخلات الخارجية والتحديات الإنسانية

الاعتماد الكبير للعديد من أطراف الصراع في اليمن على الدعم الإقليمي والدولي أدى إلى تفاقم الوضع بدلاً من إصلاحه، وتعزز الانقسام الطائفي والمناطقي نتيجة تعدد السلطات والمصالح المتداخلة ما بين الحوثيين، المجلس الانتقالي، والحكومة الشرعية، الأمر الذي جعل أي محاولة لإيجاد حلول وطنية شاملة تبدو معقدة للغاية، كما أن المبادرات الدولية غالبًا ما تفشل نتيجة الخلافات الداخلية والتدخلات الأجنبية، بالإضافة إلى استهداف المساعدات الإنسانية من قبل المليشيات لتحقيق مكاسب سياسية، وهذا كله يعمق المأساة الإنسانية.

ختامًا، يتطلب حل الأزمة اليمنية توفر إرادة سياسية حقيقية، وضغطًا دوليًا فعّالًا للتوصل إلى سلام شامل ينهي الصراع، مع تعزيز المصالحة الوطنية وبناء الدولة على أسس ديمقراطية تضمن وحدة البلاد واستقرارها، فالواقع الكئيب قد يزول ببصيص أمل تدعمه تغييرات جذرية تنبع من جهود وطنية وإقليمية ودولية مخلصة.