
تُظهر الولايات المتحدة بقيادة الرئيس ترامب تحولًا لافتًا في سياستها الخارجية عبر تصعيد واضح تجاه ملفات دولية بارزة مثل إيران والمكسيك وقضايا الشرق الأوسط، حيث شهدت الأيام الأخيرة قرارات حاسمة تضمنت الموقف من البرنامج النووي الإيراني، تغييرات في فريق الأمن القومي، والعرض المثير للجدل بشأن إرسال قوات أمريكية إلى المكسيك لمكافحة العصابات. هذا الحراك الأمريكي يعكس الطموح لتعزيز النفوذ الدولي وفق استراتيجية أكثر قوة وتشدداً.
السياسة الأمريكية تجاه إيران: تشديد على البرنامج النووي
أكد الرئيس ترامب في تصريحات إعلامية أن الهدف الأسمى للمفاوضات مع إيران يتمثل في تفكيك برنامجها النووي بالكامل، موضحًا أن الطاقة النووية المدنية -وفق منظوره- تتسبب غالبًا في اندلاع الحروب؛ لذا فإن منع إيران من امتلاك سلاح نووي يُعد أولوية للأمن الدولي، وقد شدد على استعداده لدعم إيران لتكون دولة ناجحة، ولكن ضمن شروط تحول دون امتلاكها أسلحة دمار شامل، ومع ذلك، تواجه هذه السياسات مقاومة إيرانية حادة، حيث أكدت إيران رفضها المسبق لأي مطالب تتعلق بالتفكيك الكامل، مما يعقّد المفاوضات الجارية بين الجانبين.
إعادة هيكلة فريق الأمن القومي الأمريكي
من أبرز الخطوات الأخيرة التي اتخذها الرئيس الأمريكي قراره بتعيين ستيفن ميلر في منصب مستشار الأمن القومي، وهو شخصية معروفة بمواقفها اليمينية المتشددة خاصة في قضايا الحدود والهجرة، ميلر يُعتبر من العناصر المحورية في الإدارة السابقة، ويُتوقع أن يلعب دورًا رئيسيًا في إعادة تشكيل الاستراتيجية الأمنية الأمريكية الجديدة، وقد جاء هذا التعيين بعد فترة من الإقالات المتكررة والقرارات الاضطرارية، مما يوضح طبيعة المرحلة المضطربة التي تمر بها الإدارة على الصعيد الداخلي.
الموقف الأمريكي من الأمن في المكسيك وملف غزة
كشف الرئيس ترامب عن عرض غريب لإرسال قوات أمريكية إلى المكسيك لمواجهة العصابات الإجرامية، إلا أن هذا العرض قوبل بالرفض من الحكومة المكسيكية التي أكدت على أهمية سيادة أراضيها، ويُظهر هذا العرض نهجًا أمريكيًا صارمًا يهدف إلى تعزيز الأمن على الحدود الجنوبية ومكافحة العنف، في جانب آخر، تركز الإدارة الأمريكية جهودها على منطقة الشرق الأوسط، حيث ذكرت وزارة الخارجية أنها تعمل على بلورة مبادرات للتهدئة في غزة ووقف إطلاق النار، رغم استمرار العمليات العسكرية، وهذه المواقف تظهر نهجًا متباينًا بين التصعيد العسكري في مناطق معينة والتوافق الدبلوماسي في ملفات أخرى.
تشير التحركات الأخيرة في السياسة الأمريكية إلى توجه متزايد نحو مزيج من التصعيد الخارجي والدبلوماسية المشروطة، مما يعكس رؤية إدارة ترامب لتعزيز النفوذ الأمريكي عالميًا وفرض شروط جديدة على الأطراف الدولية المعنية بالملفات الساخنة، وهو ما سيضع المستقبل السياسي في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية على المحك في الأشهر القادمة.