
شهدت الميزانية السعودية عجزًا ماليًا ملحوظًا خلال الربع الأول من عام 2025، حيث أعلنت وزارة المالية السعودية تسجيل عجز قدره 58.7 مليار ريال (15.65 مليار دولار)، نتيجة لانخفاض الإيرادات النفطية بسبب تقلبات أسعار النفط العالمية. على الرغم من ذلك، تستمر الجهود الحكومية لتعزيز الإيرادات غير النفطية والاستمرار في دعم مسار رؤية السعودية 2030، مما يعكس إرادة قوية للتغلب على التحديات الاقتصادية.
الإيرادات النفطية السعودية وتتبعها للتقلبات العالمية
انخفضت الإيرادات النفطية في السعودية خلال الربع الأول إلى 149.810 مليار ريال، بتراجع بلغ 18% مقارنة بالعام السابق. هذه الأرقام تشير إلى استمرار ارتباط الاقتصاد السعودي بتقلبات أسواق النفط العالمية، حيث شكّلت الإيرادات النفطية 57% من إجمالي الإيرادات. يعزى هذا التراجع إلى التحديات الاقتصادية العالمية وانخفاض الطلب على الطاقة، ما يدعو إلى ضرورة تكثيف الجهود لتنويع مصادر الدخل وتعزيز القطاعات الاقتصادية غير النفطية.
الإيرادات غير النفطية ودورها في تحقيق التوازن المالي
رغم العجز المالي، أظهرت البيانات نموًا في الإيرادات غير النفطية بنسبة 9% على أساس سنوي، وبلغت 113.806 مليار ريال. مثّلت الإيرادات غير النفطية 43% من إجمالي إيرادات المملكة، وهو مؤشر إيجابي على تطور الاقتصاد غير النفطي. شملت الإيرادات الضرائب، رسوم الاستثمارات، والإيرادات الحكومية الأخرى، مما يعزز الاعتماد على مصادر مستدامة لتحقيق الاستقرار المالي. تُعد هذه الخطوة جزءَا من جهود السعودية لإنجاح رؤية 2030 التي تهدف إلى بناء اقتصاد مستدام وبعيد عن تقلبات سوق النفط.
زيادة المصروفات العامة.. وأثرها على العجز المالي
ارتفعت المصروفات العامة بنسبة 5% مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى 322.317 مليار ريال، مدفوعة بزيادة الإنفاق على البرامج الاجتماعية بنسبة 28%. وهذا يشير إلى التزام الحكومة بالإنفاق على التنمية الاجتماعية رغم التحديات الاقتصادية. في المقابل، شهدت الإعانات والمنح تراجعًا بلغ 22% و13% على التوالي، في خطوة تهدف إلى تحسين كفاءة الإنفاق وترشيده. توسع الإنفاق الحكومي يعكس استمرارية تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى وتحقيق التزامات الرؤية الوطنية.
تحديات الدين العام وتأثيرها على الاقتصاد
ارتفع الدين العام السعودي إلى 1.33 تريليون ريال، ما يمثل تحديًا ماليًا إضافيًا، خاصة في ظل الضغوط المستمرة على الميزانية العامة. يعزى هذا الارتفاع إلى تراكم العجز المالي وتراجع الإيرادات النفطية نتيجة ضعف الطلب العالمي. ومع ذلك، تعمل المملكة على ضبط مستويات الدين من خلال استراتيجيات تهدف لتحقيق التوازن بين العجز والاستثمارات التنموية.
في ظل الظروف الحالية، تعكس جهود الحكومة التزامًا بمواصلة التحول الاقتصادي ودعم القطاعات غير النفطية، مما يعزز فرص تحسين الأداء المالي في المستقبل. هذا يوضح أهمية تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات لضمان استدامة الاقتصاد الوطني على المدى الطويل.