
بات علم الجيولوجيا يلعب دورًا جوهريًا ليس فقط في المجالات العلمية والبيئية، بل أيضًا في ميدان التحقيقات الجنائية والعمليات العسكرية والاستخباراتية، حيث صار بالإمكان تحليل الصخور وحبيبات الرمل للكشف عن المجرمين، كما أنه أصبح أداة لا غنى عنها للإجابة عن الأسئلة الأمنية الأكثر تعقيدًا، مثل تحديد المواقع الجغرافية للمطلوبين. هذا الاستخدام المتقدم للجيولوجيا يفتح آفاقًا واسعة لأدوار جديدة لهذا العلم.
استخدام الجيولوجيا في التحقيق الجنائي: الجريمة والصخور
يعد توظيف الجيولوجيا الجنائية أحد أبرز التطورات في حل القضايا الغامضة، حيث يعتمد المحققون على تقنيات مثل مقارنة حبيبات الكوارتز وتحليل التربة لتحديد المواقع التي يتواجد فيها المشتبه بهم أو التي ارتُكبت فيها الجرائم، كما أظهر كتاب “الجيولوجيا في خدمة التحقيق الجنائي” لمؤلفه باتريك دو ويفر بالتعاون مع ريشار مارليه أمثلة واقعية لقضايا تم حلها باستخدام تلك التقنيات، كما تكمن قوة الأدلة الجيولوجية في دقتها وترابطها مع البيئة المحيطة، ما يُمكن المحققين من وضع فرضيات دقيقة تدعم التحقيقات الجنائية وتثبت الجناة.
الجيولوجيا في المجال العسكري والاستخباراتي
لا تقتصر تطبيقات علم الصخور والتضاريس على القضايا الجنائية فقط، بل تتعداها لتؤدي دورًا حيويًا في العمليات العسكرية، كما حدث مع الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية التي استعانت بخبراء جيولوجيين لتحليل تضاريس الكهوف المرتبطة بأسامة بن لادن، وذلك عبر جمع وتحليل البيانات الزلزالية والخرائط الجيولوجية وصور الأقمار الصناعية؛ هذا التحليل الجيولوجي ساعد في فهم المواقع الجغرافية التي تتمتع بـ”جيولوجيا مختبئة”، حيث يمكن للمطلوبين الاختباء أو إنشاء كهوف صناعية، وبالتالي، تساهم هذه التطبيقات في تعزيز الأهداف العسكرية والاستخباراتية بدقة أكبر.
أهمية التعاون بين الجيولوجيا والهندسة في المشاريع الكبرى
لا يمكن إغفال مستوى التعاون العالي بين العلماء والمهندسين الجيولوجيين في تطوير المشاريع الكبرى، مثل مشروع نفق قناة المانش؛ حيث كان من المستحيل تنفيذ هذا المشروع الضخم دون دراسة دقيقة للطبقات الصخرية التي يجري الحفر فيها، فقد احتاج الفريق الهندسي إلى التأكد من ملاءمة الصخور من حيث مقاومتها للمياه وسهولة العمل دون انزلاقات أو انهيارات، كما أن هذا المشروع الرائد يبرز كيف يمكن لعلم الجيولوجيا أن يخدم مشاريع البنية التحتية الكبرى ويضمن النجاح الاقتصادي والبيئي على حد سواء.
لذا لا شك أن الجيولوجيا هي أداة متعددة الاستخدامات تتجاوز الأغراض التقليدية، وغيرت مفاهيم عالم التحقيقات لتتسق مع التقدم التقني والابتكار.